انتهاكات البحرين للكادر الصحي المهني

2011-05-20 - 6:22 ص

ريتشارد سولوم - مجلة فورن بوليسي:
ترجمة: مرآة البحرين

قد لا تستطيع الولايات المتحدة اقتراح حلول لكل الشرق الوسط، ولكنها تستطيع وصف مسار الأحداث الجارية في ربيع بعض الدول العربية. مثال على هذه النقطة البحرين.

ردّت الحكومة البحرينية بشكل بربري ممنهج بعد خروج آلاف من المتظاهرين المطالبين بالديمقراطية في شوارع المملكة الصغيرة بداية هذا العام: إطلاق النار على المواطنين المتظاهرين، سجنهم وعذيبهم، ومحو كل دليل على ذلك. اطلع الأطباء على تلك الانتهاكات حين تقديمهم العلاج للمئات من المواطنين الجرحى في صفوف المواجهة.

كجزء من التحقيق الذي أجرته منظمة أطباء من أجل حقوق الانسان في البحرين الشهر الماضي قمنا أنا ودكتور نظام بيرواني بمقابلات متعمقة لانتهاكات حقوق الانسان، مع 47 حالة منهم العاملون في الحقل الطبي، ومرضى، وشهود عيان وآخرين. تثبتنا من هذه الاعترافات بإجراء فحص جسدي لحالات ضرب وتعذيب للمتظاهرين، وقد عاينا ملفاتهم الصحية والأشعة السينية (إكس راي). كما قمنا بالتحقيق في 4 حالات وفاة مشبوهة في الحجز القضائي.

أثناء التحقيق جمعنا أدلة على انتهاكات فاضحة ضد هؤلاء المرضى والمعتقلين تتضمن: التعذيب، الضرب، الإهانة، وتهديد بالاغتصاب والقتل. قوات الأمن استخدمت العنف المفرط للقوة، كتوجيه البنادق من مسافة قريبة واستخدام أسلحة ذات سرعة فائقة موجّهة لأوجه متظاهرين عُزّل. كما قاموا بأسر وتعذيب متظاهرين من المواطنين لاستخلاص اعترافات كاذبة عن أنشطة تخريبية مزعومة.

تحقيقنا أثبت كذلك دليلاً قوياً بأن حكومة البحرين استهدفت بشكل ممنهج أكثر من 100 عامل في الكادر والنظام الصحي. عبر هذه الهجمات الممنهجة تمّ اختطاف الأطباء، بعضهم أٌلقي القبض عليه في منزله في منتصف الليل، حيث عصّبت عيناه وكُبلت يداه قوات أمن مقنّعة.

لقد ساعدتنا ملفاتنا ودليل الطب الشرعي لاستنتاج ما قامت به السلطات البحرينية:

- هاجمت سيارات الإسعاف، وأخرجت طاقمه من السيارة، وأجبرتهم على إعطائهم الزي الرسمي، وقد تنكّرت الشرطة بهذا الزي  لتصل إلى  المتظاهرين، وتقوم بضربهم.
- منعت سيارات الإسعاف من الوصول للجرحى المحتاجين للعناية الصحية.
- حاصرت الخدمات الصحية ومنعتها من تقديم الرعاية.
- سيطرت عسكرياً على المستسفى الجامعي الأهم في الدولة، ومنعت الكادر الطبي والمرضى من الدخول و الخروج منه.
- مسحت الملفات الطبية من أجهزت الكمبيوتر.
- اختطفت كوادر طبية، أسرتهم ووضعتهم في عزلة عن العالم الخارجي.
- بادرت لتتبع الجرحى من المرضى بتعقب ملفاتهم في المراكز ووضع نقاط تفتيش أمنية.
- أهانت، وضربت، وعذبت مرضى في المراكز الصحية.
- أجبرت مرضى على مغادرة المراكز الصحية، وهم في حاجة ماسّة للعناية الطبية.

يمثل هذا البطش على الكادر الصحي ومرضاه، انتهاكاً صارخاً لمبدأ طبي وهو الحيادية، وهو بذلك خرقٌ لقانون دولي. ثمن هذه الاعتداءات على الكادر الصحي والخدمات الطبية هو حرمان كل البحريين من العناية الطبية.

في مناطق النزاع حول العالم، هناك تجمع طبي مختص وفريد يقدّم الرعاية لهؤلاء. عمال الصحة في كل العالم مُلزمون بأخلاقهم المهنية في توفير هذه الرعاية بغض النظر عن الدين، أو العرق أو الحالة. فالأطباء تدربوا من أجل تطبيق هذه المهارات من دون تمييز. جمعوا خبرة علمهم الأولى من هذه الإصابات وعدد من الوفيات خلال النزاع. وبشكل أهم هم قادرون على كشف سبب الإصابة والوفاة. هذه الخبرة والمعرفة تجعل الأطباء خير شاهد لانتهاكات الحكومة، وفي حالة البحرين، جعلتهم مستهدفين.

لقد فشلت الحكومة الأميركية في وقف انتهاكات الحكومة البحرينية، بسبب اعتدال نهج إدارة الولايات المتحدة تجاه البحرين لهذه اللحظة، كما عبرت عنه الواشنطن بوست في عددها 9 مايو/ أيار، فما يزال الأطباء يختفون. وقرار وزارة الخارجية بأن لا تدلي بصوتها بشأن أوضاع حقوق الإنسان قبل اجتماع الكونغرس الجمعة الماضية يعزز هذا النهج الفاتر.

البحرين ليست عضوة في الناتو ولكنها حليف مهم للولايات المتحدة منذ 2002 ومقرّ للأسطول الأمريكي الخامس. البحرين تخضع للضغوطات الأميركية، ويجب على الرئيس أوباما أن يختار ذلك.

ينبغي على أعضاء الإدارة الأعلى رتبة، وضمنهم الرئيس التحدث بشكل علني والابتعاد عن العبارات الغامضة ضد انتهاكات حقوق الانسان من قبل السلطات الحكومية كما يصرّح بشأن ذلك ضد سوريا.كما ينبغي أن يطالب بإطلاق فوري وغير مشروط لكل الأسرى من الكادر الصحي في البحرين.

الولايات المتحدة يجب أن تتخذ المبادرة عالمياً، لمعالجة الحالات المتزايدة من الانتهاكات لحيادية الصحة، وعليها أن تخلق انتدابا جديدا لحالات خاصة عن انتهاكات الحيادية الصحية، من خلال مجلس حقوق الإنسان في الأمم المتحدة. كما ينبغي أن تضيف كل انتهاكات الحيادية الطبية في اجتماع سنوي عن وزارات الخارجية وتقارير حقوق الإنسان.

فيما بعد مرحلة بن لادن، وفي مناخ إعادة تقييم علاقاته مع حكومات الشرق الأوسط، يجب أن تقوم إدارة أوباما بتثبيت علاقة مع البحرين وجهاً لوجه، بنزع قفازات الأطفال، والمطالبة الفورية بوقف هذه الأعمال الوحشية.


* نائب مدير أطباء من أجل حقوق الإنسان
17 مايو/ أيار 2011
www.mideast.foreignpolicy.com


التعليقات
التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

comments powered by Disqus