ميدل إيست آي: البحرين وإسرائيل: صداقة تنمو وسط محيط من العداء

فريق التحرير - موقع ميدل إيست آي - 2017-09-30 - 3:35 م

ترجمة مرآة البحرين

تمّ التّرحيب بوفد إسرائيلي في المنامة. وهناك خطط لجعل القواعد بشأن المواطنين البحرينيين الذين يزورون إسرائيل أكثر تسامحًا. كما أُفيد عن مشروع مشترك بين البحرين وإسرائيل لإنشاء متحف "للتسامح الديني"، ولعل الأمر الأهم كان أن ملك البحرين ندّد بالمقاطعة العربية لإسرائيل.

بعد عقود من المعارضة الشّديدة للصّهيونية والدّعم المستمر للقضية الفلسطينية، يبدو أنّ البحرين على عتبة أن تُصبِح الدّولة الخليجية الأولى في تطبيع العلاقات مع إسرائيل، مع تصريح مصدر دبلوماسي عن أنه يمكن الإعلان عن ذلك رسميًا العام المقبل.

السبب الرّئيسي لوجود محور مماثل في الخليج يكمن في طهران، وفي ما  تعتبره النّخبة السّنية البحرينية المسلمة تهديدًا متصاعدًا لإيران الشّيعية، ووكيلها في لبنان، حزب الله. لكن الخطوة تهدد بخلق المزيد من الانقسامات في دولة تواجه أساسًا شرخًا بين الحكام، والغالبية المسلمة الشّيعية من السّكان.

وفي حين اتفقت بقية الدّول الخليجية مع المسؤولين الإسرائيليين سرًا، لتجنب الاستياء والانتقاد الشّعبي، قامت البحرين بذلك علنًا. في الواقع، استخدمت الحكومة الانقسام في المجتمع البحريني كتبرير لخطواتها -حماية الأمن القومي الوطني من  التسلل والعدوان الإيراني.

وقال مصدر دبلوماسي حكومي، مطلع على المحادثات الأخيرة بين البحرين وإسرائيل، لموقع ميدل إيست آي إنّه هناك اتصالات رفيعة المستوى بين مسؤولين حكوميين من كلا البلدين، تركز على تبادل الزيارات بين رجال الأعمال، والشّخصيات الاجتماعية والدّينية المؤثرة. وسيتبع ذلك، في الوقت المناسب، إعلانات رسمية عن صفقات تجارية بين البلدين.

وقال المصدر إن الخطوات كانت جزءًا من حقيقة جديدة في الشّرق الأوسط، لم يعد فيها الرّئيس السوري بشار الأسد، على سبيل المثال، منبوذًا من الجميع.

وقال المسؤول إنّ "إسرائيل لا تهدد أمننا أو تتآمر علينا، لكن إيران تقوم بذلك بالتّأكيد"، مضيفًا أنّ "الرئيس الفرنسي الجديد كان محقًا عندما صرّح  أن الأسد ليس عدوًا لفرنسا، والإطاحة به لا تشكل أولوية -نؤمن بالمبدأ ذاته [فيما يتعلق بإسرائيل] لأن مصالح بلدنا تأتي في المقدمة".

ويأتي هذا في دولة ما تزال تشير إلى القدس على أنّها "المدينة المحتلة"، وحيث شجعت الحكومة أئمة [المساجد] على الدّعوة إلى تدمير إسرائيل.

التطبيع الجديد

الأمر كله انطلق بتغريدة، على تويتر، العام الماضي، وكانت بمثابة شارة البدء، في السباق من أجل علاقات أفضل.

صُدِم عدد من البحرينيين لدى قراءتهم [ما نشره] وزير الخارجية البحريني، الشّيخ خالد بن أحمد آل خليفة، الذي قدّم التّعازي باللغة الإنكليزية لوفاة رئيس الوزراء والرّئيس الإسرائيلي السّابق، شيمون بيريز.

ليس للدّول الخليجية اتصالات وعلاقات دبلوماسية رسمية مع إسرائيل، حتى الآن، ولم تُعَلّق [الدّول الخليجية] أبدًا على الأحداث التي تحصل في إسرائيل، كما أنّها لم تُظهر التّعاطف مع أي من الشّخصيات الحكومية الإسرائيلية.

 

 

 

 

"ارقد بسلام أيها الرئيس شمعون بيريز، رجل حرب ورجل سلام، لا يزال بعيد المنال في الشرق الأوسط".

بعد شهرين، تم نشر فيديو على وسائل التواصل الاجتماعي يظهر بحرينيين، بلباسهم الرّسمي، وهم يرقصون إلى جانب حاخامات على أنغام أغنية اسمها "شعب إسرائيل حي" أثناء احتفالهم بعيد الهانوكا اليهودي في المنامة.

وقالت السّلطات إنّ "الحدث" كان مناسبة خاصة ترتبط بزيارة محدودة لرجال أعمال أمريكيين ويهود، لدعم الاستثمارات المحلية.

 

 

في 11 مايو/أيار من العام الحالي، شهدت المنامة أول زيارة من قبل مسؤول إسرائيلي إلى المؤتمر الـ 97 للاتحاد الدولي لكرة القدم، الفيفا.

وصرح رئيس الاتحاد البحريني لكرة القدم، الشّيخ علي بن خليفة آل خليفة، لصحيفة البلاد المحلية، أنّه "متأكد من أن استضافة مؤتمر الفيفا عنت لنا أكثر من السماح لثلاثة أعضاء في الاتحاد الإسرائيلي لكرة القدم بالدخول إلى البحرين. نحن ننظر دائمًا إلى الصورة الأكبر".

الأسبوع الماضي، قدّم الأمير ناصر، نيابة عن والده الملك حمد، إعلان البحرين للتّسامح الديني في متحف التّسامح في لوس أنجلوس، الذي وصفته صحيفة لوس أنجلوس تايمز بأنّه "مؤسسة مؤيدة علنًا لإسرائيل".

وعلى نحو منفصل، صرّحت الصّحف الإسرائيلية الأسبوع الماضي أن ملك البحرين ندّد بالمقاطعة العربية لإسرائيل في معرض كلامه مع الحاخام أبراهام كوبر، مدير برنامج الحراك الاجتماعي العالمي في مركز شيمون فيزنتال، خلال زيارته إلى كنعان في فبراير/شباط.

وبدا أن وزارة الخارجية الإسرائيلية دعمت هذه التصريحات، حين نشرت على حسابها على تويتر باللغة العربية التغريدة التالية:

"ندد ملك البحرين الشيخ حمد بن عيسى آل خليفة بالمقاطعة العربية ضد إسرائيل مؤكدًا أن سكان بلاده لهم الحرية في زيارة #إسرائيل".

غير أنّه سرعان ما تم محو التّغريدة.

الحاخام أبراهام وزميله، مارفين هيين، زارا في وقت سابق من العام الحالي المنامة، حيث التقى كوبر بالملك البحريني لمناقشة إمكانية إنشاء متحف للتّسامح الديني في المنامة، وفقًا لما ذكره مسؤول بحريني.

كسينيا سفيلتوفا، وهي نائب عن الاتحاد الصهيوني، علقت في  تغريدة على تويتر:

"جيد جدًا. آمل أن لا يتم نفي هذه الأخبار العاجلة لاحقًا. ماذا أيضًا عن زيارة المواطنين الإسرائيليين للمنامة؟"

 

 

 

 

تصاعد المعارضة

مثل هذا الانفتاح كان سائدًا لدى الكثيرين في البحرين،ولم يكن آخره التّعازي المقدمة إلى إسرائيل عند وفاة شيمون بيريز.

الحسابات البحرينية على تويتر عبرت عن الاستياء والغضب على تعليقات وزارة الخارجية، مشيرة إلى أنها لا تبرر فقط الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية، بل أيضًا جرائم الحرب التي ارتكبها بيريز في لبنان وفلسطين.

وقال خليل: "كيف يمكن له أن يرقد بسلام في حين يلاحقه بكاء الأمهات اللواتي فقدن أبناءهن إلى القبر؟ كيف يمكن له أن يرقد بسلام ودماء الشهداء في فلسطين ولبنان تطالب بالثأر؟"

 

 

 

وقال خليل بو هزاع: "أنت تقدم التعازي إلى شخص ارتكب مجزرة قانا (خلال الحرب اللبنانية) .

"أنت تقدم التعازي إلى شخص شارك في طرد شعب عربي من وطنه؟"

"أنت تقدم التعازي إلى شخص قاد احتلالًا".

 

 

 

 

وعبقت شبكات التواصل الاجتماعي بالازدراء بسبب المشاركة الإسرائيلية في مؤتمر الفيفا [في البحرين]، مع استخدام هاشتاغ #البحرين_ترفض_استخدام_التطبيع. وانضمت اثنتا عشرة مجموعة في المجتمع المدني إلى الجهود لإطلاق "جمعية لمقاومة التطبيع".

وقال رئيسها، جمال الحسن، إن "المصالح والأهداف التي ستنجزها الحكومة البحرينية لا تعد شيئًا مقارنة بقيمة الدم الفلسطيني".

وشر محمد خالد، وهو نائب سابق في البرلمان البحريني، ومنتسب إلى جماعة الإخوان المسلمين تغريدة قال فيها: "صدقوا أو لا... فشل البرلمان في إصدار بيان (مجرد بيان) يدين الوجود الإسرائيلي على الأراضي البحرينية".

ولا تقتصر معارضة التطبيع على قسم واحد من المجتمع البحريني. رسول، الذي ينتمي إلى الطائفة الشيعية في المملكة، قال على تويتر: "من المخجل لبلادي أن يرتفع العلم الصهيوني على أراضيها".

وقال ابراهيم الهادي، وهو إمام سلفي لمسجد سبيكة الأنصاري في مدينة عيسى، إنه "لم أتصور أبدًا أن يرتفع علمهم في بلادي. آه يا بحرين، لماذا؟"

علي الفايز، وهو ناشط سياسي في المعارضة، قال إنه لطالما وحّدت القضية الفلسطينية البحرينيين، ولم تمثل الحكومة إرادة الشعب ولا توجهه السياسي.

وقد دانت جماعة الإخوان المسلمين في البحرين الأمر على وسائل التواصل الاجتماعي.

الأمين العام للمنظمة، وعضو الهيئة التنفيذية لـرابطة "برلمانيون من أجل القدس"، ناصر الفضالة، قال إن الحكومة كانت تنتهك الدستور، الذي يؤكد بشكل واضح دعم القضايا العربية والإسلامية -والقضية الفلسطينية في رأس الهرم.

وقال الفضالة إنّه "في كل مرة، يحرزون فيها المزيد من التقدم باتجاه التطبيع، سيزداد السخط والاضطرابات الشعبية. عليهم ألا ينتهكوا اتفاقياتنا معهم".

 

الناس سيقبلون الأمر مع مرور الوقت

 

مع ذلك، تواصل الحكومة البحرينية انتهاج المسار الذي اختارته.

وصرح دبلوماسي غربي مقيم في البحرين لميدل إيست آي أنهم يعتقدون أنه سيكون هناك إعلانات خلال عام من العلاقات الرسمية.

وقال الدبلوماسي إنّه "لا أعتقد أنّنا سنشهد افتتاح سفارة إسرائيلية هنا، لكنسنحظى على الأرجح بزيارات رسمية من وزراء التجارة والشؤون الاقتصادية".

وأضاف "لن أقول أن ذلك سيحصل في العام الحالي، ربما في العام المقبل، سيخبرون الشعب كم من الضروري مواجهة إيران، والناس سيقبلون الأمر مع مرور الوقت".

في الوقت نفسه، يستمر الدفع باتجاه التطبيع في عقول البحرينيين. وصرح إمام من الرفاع، غرب البحرين، لميدل إيست آي، أن الحكومة أمرت المساجد مؤخرًا بوقف أي خطب تنتقد إسرائيل.

لا يزال يتعين علينا أن نرى ما إذا كان ذلك سيحظى بالاهتمام من قبل الذين يعارضون السياسة الوليدة المؤيدة لإسرائيل.

النص الأصلي

 


التعليقات
التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

comments powered by Disqus