ميدل إيست مونيتور: الولايات المتحدة أعدت الساحة لحرب جديدة في الخليج

محمد جواد - موقع ميدل إيست مونيتور - 2017-07-11 - 2:26 م

ترجمة مرآة البحرين

ليست كل الحوادث في العلاقات الدولية كارثية، أو تغييرًا في اللّعبة؛ معظمها ببساطة تهديد آخر يُنسَج في شبكة التّاريخ. غير أن الحصار المفروض على قطر، من قبل السّعودية -جنبًا إلى جنب مع الإمارات ومصر وليبيا والبحرين- في 5 يونيو/حزيران، كان كذلك. قطع كل العلاقات الدبلوماسية مع قطر والتّسبب بالتّالي بصدع في الدول الخليجية وبقية المنطقة أتى كصدمة كاملة للغالبية.

وتختلف أسباب الأزمة الدبلوماسية ولا يمكن أن تُعزى إلى واحد فقط. وأحد الأسباب المذكورة هو ازدياد التودد والعلاقات الدبلوماسية مع إيران، التي تتقاسم [قطر] معها جزءًا من موارد الغاز الشاسعة لديها. وسبب آخر يكمن في دعم قطر لبعض الجماعات خلال احتجاجات الربيع العربي في العام 2011، والتي تعتقد السعودية أنّها تهدد استقرارها.

غير أن السّبب الذي تشيعه السعودية هو الاتهام بأن قطر كانت تمول الإرهاب في المنطقة. ومن الجماعات المسلحة في بلاد الشام وليبيا إلى الجماعات المعارضة غير العنيفة كالإخوان المسلمين، زُعِم بأن قطر كانت تمول عناصر الإرهاب والتّطرف على مدى عقود.

المتمردة

مع ذلك، السبب الرئيسي وراء الانقسام في العلاقات هو على الأرجح حقيقة أن قطر كانت تمتلك سمعة بإنجازها الأمور على طريقتها. على مدى عقود، كانت الدّولة الخليجية الصغيرة تستخدم ثروتها ونفوذها الواسعين لرسم مسارها الخاص بسياسة خارجية خاصة بها تقوم على مصالحها الخاصة، في تناقض تام مع المسار الذي حددته المملكة العربية السعودية. ولم تختلف سياستها عن سياسة جارتها الأكبر فقط، بل عرقلتها في الواقع، بدعمها وتمويلها عناصر معارضين للسعودية.

قد يتساءل المرء كيف جمع مثل هذا البلد الصغير، البارز من شبه الجزيرة العربية، الكثير من الثروة والنّفوذ، لا سيما عندما نقارنه بالعملاق السعودي الذي يبرز في الجوار. حققت قطر الجزء الأكبر من ثروتها من الاحتياطي الضخم من الطاقة، وحازت على لقبها كأكبر منتج للغاز الطبيعي في العالم في العام 2014. أضف إلى ذلك نجاح خطوطها الجوية، أي الخطوط القطرية، وشعبية قناتها الفضائية الجزيرة، وحقيقة أنها تمتلك عددًا من العقارات والمعالم في العواصم الأوروبية بما في ذلك ما يقرب من 14 بالمائة في لندن، ومن السهل أن نرى كيف أصبحت الدوحة ذات نفوذ.

وفي حين دعمت السعودية الانقلاب العسكري ضد الرئيس المصري الأول المنتخب ديمقراطيًا، محمد مرسي، دعمت قطر زعيم الإخوان المسلمين. وعندما اعتمدت المملكة [العربية السعودية] سياسة  عدم التسامح بشكل مطلق مع إيران، استمرت قطر بعلاقاتها الاقتصادية والدبلوماسية مع طهران (من المفهوم أن الدولتين تتقاسمان ملكية أكبر حقل غاز طبيعي في العالم). وفي ليبيا، دعمت السعودية وحلفاؤها قائد الجيش خليفة حفتر في شرق البلاد، في حين دعمت قطر جماعات المعارضة في الغرب. وببساطة، جعلت قطر من نفسها عائقًا في وجه مصالح جارتها الخليجية واستقرارها.

 

مطالب مستحيلة

في أعقاب التجميد الدبلوماسي، قدمت السعودية 13 طلبًا إلى قطر من أجل إعادة العلاقات إلى ما كانت عليه. وكان هناك مبالغة كبيرة بها [المطالب]. من بينها كان هناك مطالب يستحيل الالتزام بها. فلنأخذ على سبيل المثال الطلب من قطر إغلاق الجزيرة وكل محطاتها. وقد كانت الجزيرة رائدة في المنطقة، إذ اشتهرت بصدم جمهورها بتحقيقاتها وتغطيتها الصعبة للزعامة في الشرق الأوسط والفضائح السياسية التي عصفت بهم. مع ذلك، يعتقد خصومها أنها لا تنتقد بما فيه الكفاية الدولة المستضيفة، أي قطر.

بعد ذلك، تأتي المطالب بقطع كل العلاقات مع إيران وإغلاق القاعدة التركية في قطر. وهذا يجبر الدوحة فعليًا على الوقوف بوجه جيرانها الإقليميين الذين لا تمتلك إلا خيار التعامل التجاري معهم.

عمومًا، هذه المطالب سخيفة، وكما قال وزير الخارجية القطري، "كان من المفترض رفضها". ليس هناك طريقة مشرفة أمام قطر لقبول مثل هذه المطالب، وليس هناك فرصة بأن تستسلم دولة، معتادة على ممارسة مثل هذا النفوذ، بسهولة، على الرغم من الضغط الاقتصادي.

 

لوردات الحرب

على الرغم من الدعم الواضح لترامب للموقف السعودي فيما يتعلق بالرأي السائد بأن قطر تدعم الإرهاب، كان لإدارته رأي معاكس تمامًا، وحثت السعودية والإمارات على تخفيف الحصار.

مع ذلك، سيكون من السذاجة الاعتقاد أن الولايات المتحدة تدعم دولة أو أخرى. فعلى الرغم من أنها كرّمت السعوديين بالموافقة على صفقة أسلحة قيمتها مليارات الدولارات معهم، وتعزيز العلاقات التي تراجعت في عهد إدارة أوباما، وقعت [الولايات المتحدة] صفقة قيمتها 12 مليار دولار لتزويد الدولة الخليجية المعزولة [قطر] بعشرات الطائرات من طراز إف 15 الشهر الماضي.

الرسالة واضحة: الولايات المتحدة تسلح جانبي الصراع، كما فعلت مرارًا وتكرارًا في عدد من الأزمات الإقليمية. وهناك مخاوف من أن تتخذ السعودية إجراءات عسكرية ضد قطر في حال عدم تلبية هذه المطالب، سيكون هناك مشهد مشابه للاحتلال العراقي للكويت -عملاق مهيمن يستضعف  طفلًا صغيرًا في الجوار.  لم تتم تلبية المطالب حتى الآن، حددت السعودية فترة زمنية مدتها عشرة أيام، ورفض وزير الخارجية القطري المطالب ويقول إن بلاده لا تخشى الانتقام العسكري. وفي حال اندلع الصراع العسكري قريبًا، ستكون الولايات المتحدة قد ضمنت أن كلا الجانبين مسلحان جيدًا.

ومهما كانت النتيجة، هناك ثلاثة أمور واضحة: الأزمة لن تنتهي سريعًا، إيران هي المستفيد الوحيد في المنطقة في الوقت الذي تراقب فيه خصومها العرب يتنازعون، وقطر تجر نفسها أكثر فأكثر إلى ذلك [النزاع]، والولايات المتحدة الأمريكية قد أعدت الساحة لصراع مسلح جديد جاهز للانفجار في أي وقت -حرب جديدة في الخليج.

 

النص الأصلي

 


التعليقات
التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

comments powered by Disqus