النيويورك تايمز: نبيل رجب: على الأمريكيين المطالبة بوقف دعم ترامب لأخطاء البحرين

نبيل رجب - صحيفة النيويورك تايمز - 2017-05-18 - 3:21 ص

ترجمة مرآة البحرين

دخلت اليمن عامها الثّالث من الحرب، وارتكاب جرائم الحرب في تصاعد. بالنّسبة لأطفال اليمن، الذين يواجهون مجاعة من صنع البشر، فإن الصّراع بين المتمردين الحوثيين وتحالف بقيادة السّعودية دخل مرحلة جديدة من الأهوال.

على الرّغم من هذا، يخطط الرّئيس ترامب لجعل السّعودية الدّولة الأولى التي يزورها هذا الأسبوع. في الوقت نفسه، قرّرت إدارته فعليًا رفع كل الشّروط المتعلقة بحقوق الإنسان عن مبيعات الأسلحة إلى بلادي، البحرين، التي هي شريك في التّحالف الذي تقوده السّعودية في اليمن. هذا السّعي المتهور للرّبح من دون أي قيود مفروضة -بما في ذلك صفقة مربحة لمبيعات مقاتلات إف 16 تبلغ قيمتها 2.8 مليار دولار- ستساعد وتحرض على تدمير اليمن، ما يزيد الكارثة الإنسانية في البلاد.

أشعر بخجل شديد لكون بلادي، البحرين، تقصف اليمن بدعم من الولايات المتحدة. وفي حين يواصل التّحالف الذي تقوده السّعودية هجومه الجوي على اليمن، تحاول البحرين أيضًا سحق المجتمع المدني على أراضيها. هذه الحملة المحلية الأخرى تستهدف أفرادًا، مثلي، لا يستطيعون تحمل الظلم، ومستعدون للانتقاد.

مع ذلك، فإننا نتطلع إلى أصدقائنا في الولايات المتحدة من أجل القوة ورؤية موحدة من أجل مستقبل أفضل. يتوقع الأمريكيون الحصول على حكومة يمكن مساءلتها، تحترم وتحمي حقوق شعبها.  هذا ما نطمح إليه، أيضًا، في الخليج.

نحن نعلم أنّنا نخاطر بالكثير في الدعوة إلى ذلك. بعض زملائي من الناشطين تعرضوا للتّعذيب، وحُكِم عليهم بالسّجن مدى الحياة، وقُتِلوا حتى. لكني أعتقد أن احترام حقوق الإنسان والحريات الأساسية هو الطريق للوصول إلى السّلام والاستقرار والازدهار في أي دولة، وقد كرّست حياتي لهذا المبدأ.

انتقاد التّعذيب وجرائم الحرب على تويتر، والتّحدث إلى الصّحافيين بشأن الوضع في البحرين والخليج، والكتابة لهذه الصحيفة: بسبب هذه الأمور، أواجه الآن حكمًا بـ 18 عامًا في السجن. لقد قضيت بالفعل أكثر من 10 أشهر في السّجن، أغلبها في السّجن الانفرادي. إحدى التّهم الموجهة إليّ تستند إلى اتخاذي موقفًا ضد الحرب في اليمن -ليس فقط لأنّها تتسبب بالبؤس وخسارة الأرواح بشكل مأساوي، بل لأنها أيضًا تغذي العنف والإرهاب في المنطقة.

هل تعلم إدارة ترامب أنّ جنودًا بحريين سابقين غادروا البلاد للانضمام إلى داعش؟ هل تعلم واشنطن أن البحرين لا تسمح بانضمام مواطنين شيعة إلى جيشها على الرّغم من أنّ الشّيعة يشكلون غالبية السكان؟ هل يعلم البيت الأبيض أن الجيش البحريني هو قوة طائفية تنشر كتبًا تشجع فيها على قتل الشّيعة الذين لا "يتوبون"؟

عندما انتقدتُ  تعزيز التّطرف في الجيش البحريني، سُجِنتُ لمدة ستة أشهر. ملك البحرين، حمد بن عيسى آل خليفة، وافق مؤخرًا على تعديل دستوري يسمح للمحاكم العسكرية بمحاكمة مدنيين على خلفية تهم "إرهاب" غير مُحددة. إنّه قانون غامض جدًا وشامل بحيث يمكن محاكمتي عسكريًا على خلفية الانتقادات التي وجهتها.

هذا الجيش البحريني نفسه، الذي تمّ تمكينه حديثًا، سيُكافَأ قريبًا بمقاتلات أمريكية، للطّيران فوق اليمن.

يدرك المواطنون البحرينيون أن الولايات المتحدة قوة عظمى، غير أنّ هذا المركز لا يستند فقط على قدرتها العسكرية. على القوة الأمريكية أن يكون مبنية أيضًا على احترام العدالة والمساواة وحقوق الإنسان -المبادئ الرئيسية التي تم تأسيس الولايات المتحدة عليها. هذه هي القيم التي يجب أن تحدد السياسة الخارجية الأمريكية، وليس هامش ربح شركة لوكهيد مارتن، صانعة مقاتلات الإف 16 المخصصة للبحرين.

على إدارة ترامب أن تعيد النّظر في  علاقاتها مع الأنظمة المستبدة مثل البحرين. هذه التّحالفات الإشكالية تكلف الولايات المتحدة أكثر بكثير من أيّ ربح تحصل عليه من صفقات الأسلحة. يجب أن تكون العدالة وحقوق الإنسان أولوية ثابتة في السّياسة الخارجية الأمريكية، لا أن يتم تطبيقها في حالة، وتجاهلها في أخرى.

مصائرنا كلّها تترابط معًا. ما الذي سيحصل للبحرين إن كان كل الذين يدعمون السّلام والدّيمقراطية وحكم القانون في السّجن؟ إلى من سيلجأ الشّباب المحرومون في البحرين للحصول على الدّعم والتّوجيه؟ هذه هي الأسئلة التي يجب على إدارة ترامب طرحها على نفسها قبل أن ترسل لسجّاني دفعة أخرى من الطّائرات المقاتلة.

أنا واقعي بشأن ما يمكن توقعه. فبعد كل شيء، استضاف الرّئيس ترامب ولي ولي العهد السّعودي والرّئيس المصري مدى الحياة من دون أن يثير قضايا حقوق الإنسان. لكن لدي إيمان بالشّعب الأمريكي والمجتمع المدني، فضلًا عن المشرعين الذين يواصلون تحدي هذه السّياسات التي تبدو غير أخلاقية، وقصيرة النّظر.

في الوقت نفسه، ما تزال محاكمتي تخضع للتّأجيل. أولًا، حُدِّدت في 16 أبريل/نيسان. لكن كان ذلك موعد اليوم الأول من سباق الجائزة الكبرى في البحرين، وهو أكبر حدث رياضي تشهده البلاد، الأمر الذي كان محرجًا للحكومة. بعدها، حُدِّدَت محاكمتي في 3 مايو/أيار. غير أنّه كان اليوم العالمي لحرية الصّحافة، ولذلك، أجّلت السّلطات مجددًا محاكمتي إلى الأسبوع الحالي.

أنا محتجز منذ 11 شهرًا. لقد تدهور وضعي الصّحي. وأنا أتعافى من عملية جراحية مؤلمة، مع ذلك، جعلت السّلطات كل جزء من احتجازي صعبًا قدر الإمكان. تمّت عرقلة محاميّ عن توفير أفضل دفاع ممكن لي. لكنّ ما عانيت منه هو جزء صغير مما عانى منه الشّعب اليمني، وذلك إلى حد كبير بسبب التّدخل العسكري للسّعودية والبحرين وحلفائهما.

من جهتي، لن أقف مكتوف الأيدي. وأحث الأمريكيين على عدم القيام بذلك أيضًا. عليهم جميعًا أن يطالبوا بإنهاء الدّعم غير المشروط الذي تقدمه إدارة ترامب لأخطاء بلادي في الداخل والخارج.


النص الأصلي    


التعليقات
التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

comments powered by Disqus