منهج جديد للبحرين في التعامل مع الأمم المتحدة: "خلاص الي بينّا خلاص"

عجرفة البحرين على الأمم المتحدة هي نفسها عجرفة السعودية ولكن متأخرة عنها بدقيقة
عجرفة البحرين على الأمم المتحدة هي نفسها عجرفة السعودية ولكن متأخرة عنها بدقيقة

2016-09-01 - 12:20 ص

مرآة البحرين (خاص): تواصل البحرين عجرفتها على هيئة الأمم المتحدة. قال وزير الخارجية خالد بن أحمد آل خليفة الثلثاء (30 أغسطس/ آب 201) إن بلاده "لن تلتفت للحظة واحدة إلى مجلس حقوق الإنسان" التابع لهيئة الأمم المتحدة. إن هذا يعني أن يد حكومته طليقة بأن تعتقل وتعذّب وتجرد مواطنيها من الجنسيّة؛ بل وتطردهم من البلاد.

في الواقع إن هذه هي المرّة الثالثة في ظرف شهرين التي تتبجّح فيها البحرين  بضربها عرض الحائط توصيات هيئات حقوق الإنسان التابعة إلى الأمم المتحدة.

ففي يونيو/ حزيران الماضي سخر وزير الخارجية أيضاً من المفوض السامي لحقوق الإنسان الأمير زيد بن رعد الحسين عقاب خطاب له انتقد فيه استمرار البحرين في قمع مواطنيها، قائلاً إنه "لا حول له ولا قوة". وأعلن بأنّ بلاده "لن تضيع وقتها بالاستماع لكلمة الأمير زيد بن رعد الحسين".

لا تشعر البحرين بأي حرج من إهانة مؤسسة دولية واستخدام العجرفة. فهي منذ 2011 أصبحت مجرّد "صدى" لسياسات السعودية. أو لعلّها السياسة الخارجية السعودية نفسها؛ ولكن بعد دقيقة.

لقد أدت  عجرفة مماثلة للسعوديّة إلى تجميد الأمم المتحدة تقريرا سنويا لها في يونيو/ حزيران 2016 حمّلها مسئولية قتل 510 طفل يمني وإصابة 667. هددت السعودية وهي مانح رئيسي في الأمم المتحدة بخفض التمويل للمنظمة الدولية. كما أشارت  إلى إمكانية صدور فتوى ضد المنظمة الدولية باعتبارها منظمة مناهضة للمسلمين.

وهو الأمر الذي اضطر أمين عام الأمم المتحدة بان كي مون إلى الرضوخ لمطالب السعودية في النهاية وحذف المملكة والتحالف العربي من قائمة الأمم المتحدة السوداء بشأن أطفال اليمن.

ويبدو أنّ البحرين قد استفادت من هذا الدرس جيّداً. كيف تقوم بـ"البلطجة" على مؤسسة دولية كبيرة كالأمم المتحدة وتنجو من ضغوطها في نفس الوقت.

لم يعد سرّاً مثلاً بأن هذا التطوّر في موقف البحرين أتى متزامناً مع هجوم السعودية على المنظمة الدولية عقب إدراجها على اللائحة السوداء لقتلة الأطفال ثم اضطرارها إلى التراجع.

لا تكترث البحرين لشيء بعد أن رمت بكلّ أوراقها للسير خلف السعوديّة. وهي حتّى الآن معفيّة من دفع أية أكلاف من جرّاء اتباع هذه السياسة.

أغلبية المدافعين المحليين عن حقوق الإنسان الذين كان تواجدهم منذ 2011 في أنشطة هيئات الأمم المتحدة والأنشطة الموازية في قبال الوفد الحكومي يمثل بيضة القبان نحو مراجعة متوازنة لملف البحرين أصبحوا ممنوعين من السفر. أما القسم الآخر منهم فهم في السجون أو المنافي.

لقد أسقطت البحرين كل المقاربة التي اعتمدتها طوال الست سنوات الماضية مع هيئات الأمم المتحدة. حتى فبراير/ شباط 2016 كان هناك حديث عن اتفاق بين وزارة الخارجية البحرينية والمفوضية السامية لحقوق الإنسان لإطلاق مشروع برنامج تعاون فني في مجال بناء القدرات، وإيفاد فريق تقني من المفوضية للالتقاء بالعاملين في مجال حقوق الإنسان في البحرين.

وصرح وزارة الخارجية السفير عبدالله عبداللطيف عبدالله بأن الاتفاق الذي أتى إثر مراسلات بين وزير الخارجية خالد بن أحمد بن محمد آل خليف والمفوض السامي لحقوق الإنسان الأمير زيد بن علي "يشمل التدريب وتطوير الكفاءات المحلية في كتابة التقارير الدورية للجان الأمم المتحدة التعاقدية، وتطوير عمل المؤسسات الوطنية الوقائية التي تعمل في مجال حماية وتعزيز حقوق الإنسان".

لكن لم تكد تمر أربعة أشهر على ذلك حتّى كان للبحرين رأي آخر. فقد أعلن وزير الخارجية البحريني عقب أيّام من تصعيد سعودي مماثل علي هيئة الأمم المتحدة عقب إدراجها على القائمة السوداء "لن نضيع وقتنا بالاستماع لكلمات مفوض سام لا حول له و لا قوة".

لقد تمّ رفع السعودية من هذه القائمة. ولكنّ الشيطنة على الأمم المتحدة أصبح منهجاً. لا يقتصر الأمر على السعودية فقط؛ إنما حتى بالنسبة إلى دولة صغير كالبحرين. بدل التمهيد للقيام بخطوات إصلاحية تخرجها من أزمتها السياسية الممتدة منذ 2011 والتي أطاحت باقتصادها ووضعتها في الحضيض تطالب البحرين الأمم المتحدة بإصلاح نفسها.

"إن الأمم المتحدة تمر بمرحلة دقيقة تتطلب تكاتف الجهود لإصلاحها". كان هذا رد وزير الخارجية خالد بن أحمد آل خليفة حين سئل عن موقفه من تصريحات المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، بشأن تشديد العقوبة على أمين عام جمعية الوفاق الشيخ علي سلمان  في 3 يونيو/ حزيران 2016.

إذا كانت هناك حقبة مرّت على الأمم المتحدة وآلياتها تستحق فيها الشفقة عليها وعلى ما آلت له فهي هذه الفترة. إن الصرخة التي أطلقها الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون في يونيو/ حزيران الماضي بشأن  "عدم دعم" مجلس الأمن له في شأن موقفه من إدراج اسم التحالف الذي تقوده السعودية في اليمن في تقريره حول الأطفال والنزاعات المسلحة يعطي مثالاً جيّداً لمستوى الحضيض الذي بلغته هذه المنظمة الدولية.

أما وقد وصل الأمر بديكتاتورية صغيرة منتهكة لحقوق الإنسان كالبحرين بدعوة الأمم المتحدة إلى إصلاح نفسها فهذا يعني أنها أصبحت "مسخرة".

 


التعليقات
التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

comments powered by Disqus