خطة القمع في البحرين في خمس سنوات

كايت كيزر ومايكل باين - موقع ميدل إيست آي - 2016-02-23 - 5:27 م

ترجمة مرآة البحرين

في 28 ديسمبر/كانون الأول 2015، اجتمعت مجموعة من النّشطاء والمدافعين عن حقوق الإنسان وزعماء المعارضة لإحياء الذّكرى السّنوية الأولى لاعتقال الشّيخ علي سلمان واحتجازه في البحرين. فقط منذ سبعة أشهر مضت، حكمت هيئة محكمة على الشّيخ علي سلمان، الأمين العام لأكبر جمعية معارضة في البحرين، الوفاق، بالسّجن أربع سنوات على خلفية "تحريضه على الكراهية والتّشجيع على العصيان و"إهانة" المؤسسات العامة".

هؤلاء المجتمعون في ذكر اعتقال الشّيخ علي سلمان انتقدوا قرار المحكمة، واتهموا السّلطات بالضّغط انطلاقًا من دوافع سياسية في تهم تتعلق فقط بحرية التّعبير عن المعارضة غير العنيفة.

مع ذلك، اختارت الحكومة البحرينية التّعامل مع هذه الذّكرى بشكل مختلف بعض الشّيء.

بعد مرور تسعة أيّام، أي في 6 يناير/كانون الثّاني 2016، اتهمت النّيابة العامة الأمين العام لجميعة وعد، السيد راضي الموسوي، والمدافع عن حقوق الإنسان الشّيخ ميثم السّلمان، والقادة في الوفاق، سيد جميل كاظم وخليل المرزوق ومحمد خليل بالتّعبير عن آرائهم بخصوص قضية "ما زالت في المحكمة"، و"التّحريض على كراهية النّظام" -وكل ذلك على خلفية ملاحظات زعموا أنّها قُدّمت في إحياء ذكرى اعتقال الشّيخ سلمان  على خلفية ذات التّهم تقريبًا.

هذه السّلسلة من الأحداث تبرز تمامًا دورة القمع المستديمة في البحرين. الحكومة تعتقل ناقديها تعسفيًا، وبالتّالي تولد المزيد من الانتقاد، ما يفضي بدوره إلى المزيد من الاعتقالات. لقد تم الإمساك بالسّلطات في هذه الحلقة البسيطة من الفعل وردة الفعل -القهر والقمع-  منذ بدء الحركة المطالبة بالدّيمقراطية في فبراير/شباط 2011، التي تصادف ذكراها السّنوية الخامسة في هذا الشّهر.

والأمور تزداد سوءًا.

مثل هذه السّياسة، بقدر ما هي تعزز ذاتها، بقدر ما هي خطيرة وغير مستدامة على المستوى السّياسي. بعد خمس سنوات من الانتفاضة الأولى، قد تكون قوات الأمن لا تستجيب بذات مستوى العنف المباشر الذي أدّى إلى وفاة 80 محتجًا على الأقل بين العام 2011 وأواخر العام 2013. ولكن مع مرور كل عام، ومع كل سلسة من الاعتقالات ذات الدّوافع السّياسية، خلقت الحكومة البحرينية المزيد والمزيد من بؤر التّوتر والاضطرابات.

ووفقًا للبيانات التي جمعها مركز البحرين لحقوق الإنسان، على سبيل المثال، يزداد عدد قضايا الاحتجاز التّعسفي والتّعذيب؛ ومن بين أكثر من 400 اعتقال نفذتها السّلطات البحرينية خلال الأشهر الأربعة الأخيرة من العام 2015، كانت حوالي 80 بالمائة منها غير قانونية.

في الواقع، مع هدوء العنف المباشر الآن، أصبحت الحكومة تميل الآن إلى الاعتماد أكثر على العنف الهيكلي لنظام منحاز من العدالة الجنائية -وتستخدمه غالبًا لزيادة عقاب ضحايا التّعذيب والانتهاكات. في 25 يناير/كانون الثّاني 2016، أي بعد مرور أربعة أيام  فقط على استضافة البحرين لمؤتمر "حقوق الإنسان" بدول مجلس التّعاون الخليجي، حكمت المحكمة على 57 سجينًا في سجن جو بـالسّجن لـ 15 عامًا إضافيًا على خلفية مزاعم بـ "إثارة الفوضى وأعمال الشّغب والتّمرد داخل المباني" في شهر مارس/آذار الماضي.

ووجدت المحكمة هؤلاء الرّجال "مذنبين" جماعيًا، على الرّغم من كم هائل من الأدلة على أن السّلطات البحرينية عاقبت كل السّجناء بسبب أعمال أقلية من النّزلاء، وعّرضت المعتقلين للتّعذيب الجماعي وانتهاكات أخرى لحقوق الإنسان قبل، وخلال، وبعد أعمال الشّغب.

وبشكل أكثر عمومًا، فإن التّعذيب والاعترافات المُنتَزَعة الإكراه وغير ذلك من الانتهاكات هي أمور ما تزال دعامات لإجراءات القضاء البحريني. ويمكن القول إن الوضع قد تدهور منذ أن دعت اللّجنة البحرينية المستقلة لتقصي الحقائق الحكومة البحرينية إلى وقف التّعذيب ومساءلة الجناة قبل خمس سنوات خلت. وكما أوضحنا في ما سبق، فإن الضّحايا المُعَذبين يواجهون "العدالة" قبل جلّاديهم.

وعلى خطى جيرانها السّعوديين، تواصل البحرين أيضًا فرض وتعزيز قانون مكافحة الإرهاب، الغامض والواسع النّطاق، مُجَرمة بشكل فعال المعارضة تحت مسمى "الأمن" الملتبس أكثر من أي وقت مضى. هذا الإطار القانوني المثير للشّك مكّن السّلطات من خلط حرية التّعبير بالإرهاب والنّاشطين من أجل حقوق الإنسان بالإرهابيين -إن لم يكن شجّعها على ذلك.

هذه المقاربة "ذات الإطار الأمني" للعدالة الجنائية يمكن أيضًا رؤيتها في تصاعد عملية إلغاء الحكومة للجنسية. وبالاستناد إلى القانون الغامض لمكافحة الإرهاب في البلاد، افتتحت المحاكم البحرينية العام 2015 بسحب جنسية 72 شخصًا، بمن في ذلك أطباء وصحفيين وناشطين سياسيين ومدافعًا عن حقوق الإنسان. ومع اقتراب العام الحالي، سحبت السّلطات البحرينية جنسية 208 أشخاص على الأقل، من دون إظهار أي تمييز بين النّشطاء، والأشخاص العاديين والمتهمين بالإرهاب الفعلي.

وبمجرد تجريدهم من جنسياتهم، يُترَك هؤلاء الأفراد أمام ثلاث خيارات: إيجاد كفيل مستعد للمخاطرة بالتّعرض لضغط الحكومة، الذّهاب إلى السّجن، أو مواجهة المنفى. ببساطة، تشهر الحكومة البحرينية الجنسية على أنّها مجرد سلاح آخر في المعركة ضد المعارضة، وتترك شعبها يواجه عن قصد انعدام الجنسية انتقامًا من حرية التّعبير.

مثل هذه الانتهاكات لحقوق الإنسان والإجراءات القضائية هي الخصائص المميزة للنظام القضائي في البحرين. الشّيخ علي سلمان والشّيخ حسن عيسى وابراهيم شريف -عدد من ذات النّشطاء الذين استُهدِفوا منذ خمس سنوات مضت- هم قيد المحاكمة اليوم.

الدّكتور عبد الجليل السّنكيس، المحكوم بالسّجن المؤبد في العام 2011، أنهى تقريبًا عامًا  من الإضراب عن الطّعام احتجاجًا على الوضع السّياسي والعلاج وكـذلك الظّروف المزرية في السّجن. الأيام الـ 313 التي قضاها من دون طعام يجب أن تكون بمثابة تذكير أنّه مع تطور أشكال العنف في البحرين، فإن النّاس ما يزالون يعانون، لا لشيء إلا لتعبيرهم عن آرائهم.

حوالي 200 ألف بحريني تجمعوا في دوار اللّؤلؤة في العام 2011 للمطالبة بالإصلاحات الدّيمقراطية وحماية حقوق الإنسان. في الأعوام التّالية، أصرت الحكومة على أن سياساتها الجديدة عالجت هموم النّاس ولجنة تقصي الحقائق، وهي لجنة مستقلة من القضاة تم تكليفها بتقييم الوضع السّياسي في البلاد.

وخلص تقريرها عندها إلى تورط الحكومة بـ "الممارسة المنهجية لسوء المعاملة الجسدية والنّفسية"، وأنّه يتوجب عليها فورًا إصلاح مثل هذه الممارسات في حال كانت تريد التّوصل إلى حل سلمي للاضطرابات في البحرين.

وعند قراءتكم هذه الكلمات بعد مضي خمس سنوات، يمكن مسامحتكم لاعتقادكم بأن اللّجنة المستقلة لتقصي الحقائق كتبت تقريرها البارحة فقط.

في هذه الذّكرى الخامسة للحراك المطالب بالدّيمقراطية في البحرين، من الواضح أنّ السّلطات واصلت مفاقمة المظالم التي أُثيرَت في العام 2011. وقد تمكنت من القيام بذلك نتيجة لصمت المجتمع الدّولي، لا سيما الولايات المتحدة والمملكة المتحدة.

وفي غياب مسار قوي للتّصحيح وضغط دولي -وقريبًا- سرعان ما سيصبح واضحًا أن الحكومة ستلجأ إلى التّعمد بتصعيد خطر ما يمكن أن يصبح بسرعة أزمة سياسية غير قابلة للحل ونقطة توتر لا رجعة عنها في منطقة مضطربة تعاني أساسًا من الصّراعات.

 الأحد  14 فبراير/شباط 2016

النّص الأصلي


التعليقات
التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

comments powered by Disqus