التعليق السياسي: وزير الداخلية: إليّ بسيوف العرضة

2015-07-24 - 5:43 ص

مرآة البحرين (خاص): دائماً العقول الكبيرة تنشغل بالإنجازات، والعقول الصغيرة تستهلكها الأحقاد والضغائن والفتن والاحترابات، تقتلها وهي واقفة محلّها، فإذا ماتت انتبهت.

في الوقت الذي راح فيه وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف، يحقّق الانتصارات لبلاده عبر قيادة مميزة لمفاوضات الاتفاق النووي، وانجازه لأهم اتفاق توقعه إيران منذ أربعة عقود، وفيما وفود العالم الغربي تتوافد على طهران لإبرام صفقات تجارية، منذ 14 يوليو الماضي، وشركات دولية تتسارع نحو أسواقها، وفيما هي توقع صفقات أوروبية بمليارات الدولارات ستنعش الحياة الاقتصادية والسياسية، يطالعنا وزير الداخلية البحريني راشد بن عبدالله الخليفة اليوم 23 يوليو بالدعوة إلى "حملة" اصطفاف ضد إيران (!!!).

بينما كان وزير داخليتنا يبرم عقوده السرية لاستجلاب آلاف المرتزقة لخنق شعبه، وقف ظريف ضاحكاً أمام الصحافيين من على شرفة قصر كوبورغ في فيينا محتفياً بانجازه العظيم، تاركا العالم بكل لغاته يؤول ضحكته التي حفظتها لنا إحدى لقطات المصورين. وفيما وزير داخليتنا يخنق اقتصادنا بحلوله الأمنية، كان ظريف يفتح اقتصاد بلاده على العالم، ويعيد رسم علاقتها بالدول الكبرى، ويؤسس لانتعاشة لم تعرفها منذ أربعة عقود.
فيما هناك العالم يتحرك، ها هو وزير داخليتنا بلكنته البدوية، لا يغادر خطابه ولا مكانه، موغل في الغلق والضغينة. يحرّك رؤساء الصحف البحرينية والمؤسسات الحكومية والأهلية مثل دُمى ساذجة، ليبصموا من ورائه على فزعته المصطنعة الهشّة، وليطلقوا بيانات مسكوكة، وليشنوا معه حملة تافهة ومضحكة في الوقت نفسه، تحت مسّمى استنكار "التدخل الإيراني في الشأن الداخلي للبحرين".
إنه الاصطفاف المستهلَك ذاته منذ أربعة عقود. بعد هذه العقود الأربعة قررت إيران تحريك منطقتها ومنطقها وجلب الكبار لمحاورتها على قاعدة إنجازاتها المتينة، وظل الصغار يصرخون مكانهم. لقد راحت إيران اليوم تبرم صفقاتها التي تشحن فيها البضائع من/ إلى كل العالم، فيما هؤلاء ما يزالون في إبرام البيانات والاصطفافات التي تشحن النفوس فقط.

وزير الداخلية البحريني ظلّ واقفاً مكانه منذ 4 أعوام ونصف، إنها كومته الوحيدة التي يُسقط عليها كل الأزمات السياسية الكبيرة والمتفاقمة في البحرين، وهي الحاوية الأكبر التي تتسع لإلقاء كل خيبات السلطة وتبرير جرائمها وإرهابها وتعنتها وطائفيتها وتهميشها لمواطنيها والتمييز بينهم وزرع الشقاق الطائفي بينهم.

حاول بسيوني في تقريره الشهير أن يعالج وساوس المرض الإيراني، لكن المريض لم يكن يسمع غير صدى صوت مرضه، ظل يقيم حفلات سيوف الولاء والزار والعرضة، وظل يكرر بشكل هستيري هناك مخطط إيراني في البحرين عمره 30 عاماً (!!)، وما يزال يُتهم كل من طالب بحق من حقوقه السياسية والديمقراطية أنه عميل وخائن وصفوي وتابع لإيران أو صاحب "ولاء مزدوج". كرّر وزير الداخلية تهديده للمعارضين مراراً بأن «من يرى ولاءه لإيران من الأفضل أن يغادر البحرين، لأن البحرين للبحرينيين»، التهمة الملتصقة بكل معارض سياسي، لم يسلم منها حتى المعارض الليبرالي السني المذهب ابراهيم شريف، فيما لم نسمع من معارض سياسي واحد كلمة ولاء لإيران (!!).

الفزعة المفتعلة من قبل وزير الداخلية اليوم باسم "الاصطفاف الوطني"، هي تهديد صريح للمؤسسات الأهلية، من لم يصطف معي في صراخي فهو "مزدوج الولاء". هذا ما يقوله نصّ دعوته المنشور "وأكد معاليه على أن الأولوية يجب أن تكون استنكاراً وطنياً وموقفاً بحرينياً صريحاً من خلال المؤسسات الوطنية، والعلماء والمشايخ الأفاضل والفعاليات الرسمية والأهلية، ومن خلال من يمثلون الشعب البحريني ومن يقيمون على أرضه، وإذا كان هناك من يتخلف عن هذا الاصطفاف الوطني فهو أراد لنفسه القبول بأعمال العنف والإرهاب وبالتدخلات الايرانية التي من شأنها زعزعة أمن البحرين".

وزير الداخلية يريد من الشعب البحريني ومؤسساته وفعالياته ومشايخه أن يشاركوه مرضه ويهتفوا بصراخ الضغينة.

 

 


التعليقات
التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

comments powered by Disqus