التعليق السياسي: لماذا ليس في البحرين من يقول «هذولا عيالي»؟!

2015-07-20 - 2:26 ص

مرآة البحرين (خاص): إلى أيّ مدى يمكن للقلم أن يقسو لكي يوقف ظالما عن ظلمه، في أغلب الأحيان لا يوقف القلم الظالمين، لكنه قد يفلح ذات مرّة، ولهذا نكتب.

كيف يمكن أن نشرح شعور أبٍ صرف كل عمره في العمل لأجل أبنائه، من أجل تحقيق أحلامهم، تربيتهم، تعليمهم، يعطيهم كل شيء، يستجيب له الأولاد، يتفوقون، ثم يأتي من يسرق أحلامهم، بل يحطمها تحطيماً في "مجزرة البعثات".

لمن يشكو الناس؟ ليس للبحرين حاكم يعتبر أن أحلام خريجي الثانوية العامة هي مثل أحلام أبنائه، هو لا يعتبرهم أبناءه، بل أبناء أعدائه، وسوف يصبحون أعداءه في المستقبل، هكذا قال له دهاة عائلته الذين سلمهم زمام الأمور. عاث الخوالد فسادا في الأرض، واعتبروه فخرا، يقيسونه بما أعمل جدهم من قتل في أهل البحرين، لا يزالون حتى اليوم يعيشون نفس القصة ويكررونها على الحاكم يومياً.

ليس في البلاد أجهزة أو مؤسسات يمكن اللجوء إليها بثقة أنها ستحكم بالعدل، فالقضاء في البحرين تنطبق عليه قصة قديمة من قصص الشعوب تتحدث عن خلاف بين البلبل والغراب: عندما أراد البلبل أن يغني زجره الغراب وقال له:صوتك قبيح كريه مزعج، والجميع يريد سماع صوتي أنا، لكن البلبل اعترض وقال إن الجميع يشهد أن صوته جميل يستحق أن يُسمع، وبالفعل فقد أيدت الطيور والسناجب والغزلان والظباء أن صوت البلبل من أجمل الأصوات ولايجب أن يتوقف.. لكن الغراب أصر على تحويل القضية الى القاضي الجديد في محكمة الغابة وهيئة المحلفين فيها.

ذهب الجميع الى المحكمة التي كان القاضي فيها هو الخنزير البري، أما هيئة المحلفين فكانت مكونة من التماسيح وأبناء آوى والضباع والكركدن والخراتيت والثعابين والضفادع..

في المحكمة غنى البلبل، فبدا التململ على القاضي وهيئة المحلفين.. وغنى الغراب فأطرب القاضي ونخرت وانتشت هيئة المحلفين ورقصت.. وكان قرار الخنزير البري ومحلفيه بأن أغنية الغراب هي الأجمل وأن صوته بديع وأن الغراب هو مطرب الغابة الأول وأن لحنه يجب أن يغنى.. أما البلبل فعليه أن يصمت لأن صوته حقير رديء نشاز ويجب أن تستأصل حنجرته.. وأن تفقأ عيناه.. وقد بكى البلبل من هذا الظلم لكنه اعترف بأن محكمة يتولاها خنزير بري ومحلفون من التماسيح لن تصدر إلا هذه الأحكام.

ماذا يمكن إذن لأولياء الأمور أن يفعلوا؟ التظاهر صار ممنوعاً في البحرين، الانتقاد لقرارت الحكومة ووزارتها ومؤسساتها صار ممنوعاً حتى على الموالين للنظام، وما قصة موقع بوابة البحرين الذي استمات تطبيلاً للنظام، ثم كان جزاؤه جزاء سنمار كما يقال، إلا مثالا.

إذن لمن يشكو الناس؟ ليس لديهم حاكم يحبهم ويتألم لألمهم مثلما هو حال أمير الكويت، الذي ذهب لجامع الإمام الصادق في أقل من ساعة من واقعة التفجير، وشاهد الجثث وبكى الشهداء أمام الكاميرات قائلاً «هذولا عيالي».

لا أحد هنا يقول «هذولا عيالي»، هو يقول، في الكتب الدينية التي يدرسها الجنود في الجيش، «هؤلآء هم أعدائي الكفار»، ويقول عبر منابر مشايخه السلفيين والإخوان «هم العدو فاحذرهم»، ويقول عبر صحفه وأعمدة كتبه «هؤلاء هم الطابور الخامس والخطر الاستراتيجي على الدولة».

كيف لشعب أن يعيش داخل بلاده بصفة عدو في نظر الحاكم وجنوده وجلاوزته ووزرائه وكَتَبَته؟ المضحك حدّ البكاء أن يأتي أحد ما في هذا العالم ويتحدث عن «خطوات إصلاحية» تحدث في هذا الوطن الذي تحوّل في عهد حمد بن عيسى إلى خرابة يجلس فوق تلّها خالد بن أحمد وخليفة بن سلمان، وينخرها سوس أحمد عطية الله من فوقها ومن تحتها.

البلاد التي يظلم طلابها المتفوقون وتستخدم كل الحيل لتحويلهم إلى فاشلين، هي خرابة وليست وطناً..

 


التعليقات
التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

comments powered by Disqus