على هامش المؤتمر الحقوقي الرابع، النّاشطة الحقوقية فيوليت داغر: زرت البحرين وأُكبر في الشّعب سّلميته

 فيوليت داغر
فيوليت داغر

2015-04-24 - 9:48 م

مرآة البحرين (خاص): على هامش المؤتمر الدولي الحقوقي الرابع: "البحرين: غياب العدالة وإخلال بالالتزامات الدولية" والذي نظّمه منتدى البحرين لحقوق الإنسان بالتعاون مع عدد من الشّركاء، أجرت مرآة البحرين مقابلة مع النّاشطة الحقوقية فيوليت داغر، وهي رئيسة اللجنة العربية لحقوق الإنسان، التي تعنى برصد انتهاكات حقوق الإنسان، والدّفاع عن سجناء الرّأي ومساندة ذوي الانتهاكات سواءً كانت في النطاق السياسي أو الاجتماعي أو الاقتصادي أو البيئي أو المدني. وأكّدت (داغر) خطورة انتهاكات حقوق الإنسان في البحرين ودعت لشعب البحريني إلى الاستمرار بحراكه السّلمي على الرّغم من كل الانتهاكات التي تُمارس بحقه كما دعت السّلطات البحرينية إلى أن تعي خطورة المخططات التي تُحاك للمنطقة.

مرآة البحرين: ما هي أبرز الانتهاكات التي برأيكم كانت جرائم بحق الانسانية وانتهاكًا فادحًا لحقوق الانسان في البحرين؟

فيوليت داغر: في الواقع اللّائحة طويلة، من الأحكام بالإعدام والتعذيب حتى الموت بسبب التعبير عن الرأي والمطالب المحقة وبالتالي إهدار حق الأشخاص في الحياة، بالإضافة الى الانتهاكات المعنوية والنفسية كالتعرض لكرامتهم ولهويتهم ولسلطتهم على أنفسهم. هناك أيضًا ما يرتكب في البحرين من فظائع كتدمير دوار اللؤلؤة للقضاء على رمزيته، وأيضًا وجود انتهاكات جنسية ونفسية وجسدية وهذه الانتهاكات تترك أثرها على الإنسان على مدى العمر كله، وتمتد آثارها الوحشية إلى عائلته وكل من هو على علاقة به، حتى الأطفال، الذين لا يعلمون إن كان آباؤهم مجرمين أم لا وسبب وجودهم في السجن ومعاملتهم بهذه الطريقة.

ولا ننسى أيضًا ملف نزع الجنسية من شخص. بأي حق يفعلون ذلك ومن هم ليحرموا شخصًا من جنسيته التي أعطاه إياها الخالق، وبعد ذلك يأتون بآخرين ويضعونهم في هذا المكان في عملية تغيير ديمغرافي؟

الأمر مشابه لما حصل ويحصل في فلسطين المحتلة عندما يأتون بشعوب من أصقاع الارض ويضعونهم في هذه الأرض مقابل الشعب الأصيل ويقتلعونه من هناك وبأشكال مختلفة يطردونه من أرضه. أليس هناك من تشابه في مسائل كثيرة تحصل في عالمنا العربي مع ما يحصل في فلسطين؟ أتساءل أحيانًا إن كانوا يعلمون أنّهم ينفذون مخططات هذا العدو الصهيوني من أجل تفتيتنا كشعوب وإعطاء هذه الأرض للذين أرادوا وضع أيديهم على مقدراتها من دون اعتراض أو مقاومة.

المرآة: لعل المفارقة أن الذين يقومون بذلك في فلسطين المحتلة صهاينة ولكنهم في البحرين عرب؟

داغر: أرى أنّهم العملاء والأصابع التي يحركها هذا المتآمر علينا، وكما يقول المثل الشّعبي :" دود الجبن منه وفيه". هذا ما يحصل اليوم في عالمنا العربي، فبعد أن كان الاستعمار يحارب الإسلام ويتحدث عن الإسلاموفوبيا وبعد محاربته للمسلمين بعد أحداث سبتمبر/أيلول 2001، يقوم بذلك اليوم بأدوات عربية وإسلامية ويجعل منها الرصاصة التي تُطلَق على صدورنا. هل هؤلاء هم المسلمون الحق الذين يحاربون باسم الإسلام؟ يحاربون المسلمين ويحاربون آخرين من أديان موجودة في هذه الارض منذ فجر التاريخ ويسبون نساءهم ويشردونهم ويغتصبونهم ويقتلون أطفالهم كي لا يكون هناك قائمة تقوم لهذه البلدان.

المرآة: تتكلمين عن داعش أو من يدعون أنهم دولة اسلامية في العراق والشام، لقد اطلعت بصفتك حقوقية في مجال حقوق الانسان على عملية إسقاط الجنسية في البحرين والتي تم فيها وضع أسماء مدافعين عن حقوق الانسان وصحافيين وأطباء في الوقت ذاته مع عناصر من داعش لذات التهمة. ما تعليقك على هذا الموضوع؟

داغر: عندما يكون الهدف المرسوم إجراميًا بهذا الشكل، لا يعود هناك فرق بين شخص وآخر، بين شخص حر وكريم وآخر مجرم، فيطال هذا القصاص من المعارضة الكريمة الشريفة.

ربما وضعوا عناصر داعش على اللّائحة فقط للتمويه والتظاهر بأنّهم يحاربون الإرهاب، ولكن أي إرهاب؟ أليسوا هم الذين يمارسون الإرهاب ، ذاك الذي يمنع الآخرين من التعبير عن حقهم في الوجود وعن حقهم في الحياة مع أنّهم كانوا يفعلون ذلك بشكل سلمي ولم يستخدموا السلاح، وعلى الرّغم من ذلك مارسوا كل ذلك القمع ضدّهم. هناك أحكام بالإعدام بتآمر قضاء يدعون نزاهته، كيف يمكن لهذا القضاء النزيه الحكم على أشخاص لم يفعلوا ما يُتَّهمون به ويحكم عليهم بالإعدام؟

المرآة: بالحديث عن القضاء، ما رأيك بمحاكمة نبيل رجب والشّيخ علي سلمان؟

داغر: نبيل رجب بات رمزًا لصموده الأسطوري تجاه كل ما مورس بحقه من اضطهاد وتنكيل وإهانة للكرامة وإعادة إلى السّجن. كان ولا يزال صامدًا وهو رمز للشعوب الحرة. وأعتقد أنهم يعلمون ذلك. وهذا يكفي لأنهم يقبحون صورتهم عندما يتعاملون مع أشخاص من هذا النوع بهذه الطريقة .

أتمنى أن يتم إطلاق سراحه بشكل عاجل وأن يشارك ويكون رمزًا من الرموز الذين يشاركون في حوار يؤسس لدولة حقوق وحريات في البحرين.

أما في ما يخص محاكمة الشّيخ علي سلمان، فإنه شيء مضحك للأسف، لأنّهم يريدون التّغطية على كل ما مارسوه بحق هؤلاء المعتقلين والأسرى من انتهاكات لحقوقهم، في حصولهم على محاكمات عادلة على الأقل وأن يكون هناك قرينة براءة مقابل قرينة إدانة. لا يسمحون بحضور شخصيات مهمة المحاكمات لأنهم لا يستطيعون تبرير ما يحصل فيها.

منع السّلطات البحرينية لعملية حضور الجلسات تعني أنّها تريد تغطية المسرحية الهزلية والفبركات لتقول إنها تجري المحاكمات من خلال قضاء تصفه بالنزيه، ولكن من أين له أن يكون كذلك؟ إنها تمنع وجود الشّهود حتى.

المرآة: إلى أي مدى تؤمنين بسلمية حراك الشعب البحريني؟ هل هو عنيف كما تدعي الحكومة؟

داغر: أنا أكبر في الشّعب البحريني استمراره بالسّلمية حتى اليوم رغم كل الضغوط التي تعرض لها.

لقد زرت البحرين عدة مرات وإحداها كانت لمراقبة الانتخابات التشريعية، ما قبل الأخيرة، وشاركت في مسيرات مع الأصدقاء الحقوقيين وكنت أرى مدى صمود هذا الشّعب وسلميته، وإيمانه بحقوقه ودفاعه عنها بهذه الطريقة. وأعتقد أنهم يجب أن يصمدوا في هذا الخط لأننا نرى ما الذي حصل في بلدان عربية أخرى، عندما بدأ الحراك في سوريا لم يكن أحد يعتقد أنه سيصبح على ما هو عليه الآن بهذه السّرعة.

وقد وقفت عند ذلك بنفسي. وجدت أن المؤامرة كانت تُحَضّر لهذا البلد وكانوا قد زرعوا الخيوط في كل مكان وحولوا الأمر إلى انتفاضة مسلحة والنتيجة دمار سوريا. لا نريد ذلك للبحرين، لا نريد للشعب البحريني أن يعيش ما عاشه الشعب السوري أو الليبي أو العراقي أو غيره.

على الرّغم من تضحياته الجسام، على الشّعب البحريني أن يستمر بحراكه السلمي وأن يحاول إيجاد الخطوط للحوار مع السلطات حتى لو كان لا يؤمن بفعالية ذلك، ولكن ربما يجدون أنه لن يبقى لهم غير هذا الطّريق.
رأينا البلد الراعي الذي أدخل جيشه إلى البحرين، يسقط حممه على الشعب اليمني المسكين من دون أي وجه حق، واليوم هو يطلب من العالم مساعدته على إيقاف هذه الحرب.

المرآة: ماذا تقولين للسّلطات البحرينية وللشّعب البحريني؟

داغر: أحيي الشعب البحريني على سلميته وعلى صموده وأدعوه للمحافظة على هذه السلمية.

أما السّلطات، فعليها أن تتعلم من المآسي التي تحصل في أماكن اخرى كي لا تصبح هي يومًا ما عرضة للشيء ذاته وتشرد في أصقاع الارض.

عليها أن تعتبر أن هناك هدية كبيرة قُدِّمت لها وهي لا تعرف قيمتها، وهي قيام الشعب البحريني الذي لا يزال صامدا حتى اليوم بعرض مطالبه بهذه الطريقة الحضارية السلمية. يتوجب عليها تغيير طريقتها في التعاطي معه لأنها ستربح نفسها قبل أن تربح الشّعب البحريني. هي لا تعرف ما يُخَطط ويكتب لهذه المنطقة من مؤامرات تفككها بما في ذلك البحرين والسعودية ودول الخليج .

نرجو أن تتوقف اليوم هذه المؤامرة الكبرى على وطننا العربي وأن لا نكون نحن الأدوات لتفعيلها وتحريكها ضد أنفسنا وضد مصالحنا.

 


التعليقات
التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

comments powered by Disqus