الجمري: عدت بغالبية أصوات مجلس إدارة “الوسط” ولا خلفية سياسية للقرار

2011-08-06 - 8:07 ص


د.منصور الجمري



عدتُ بقرار مجلس الإدارة، بأغلبية الأعضاء، وفق ما تنص عليه أنظمة الشركة، والقوانين المعمول بها في مملكة البحرين”، يقول الصحافي البحريني د.منصور الجمري، في حوار خص به مدونة “Hasan Talk”، وهو العائد في 4 من أغسطس الجاري، إلى كرسي رئاسة تحرير “الوسط”، الصحيفة التي أسسها العام 2002، كثمرة لما يسميه الجمري “المشروع الإصلاحي الذي دشنه جلالة الملك، سنة 2001″، قبل أن يضطر إلى الاستقالة من منصبه، في 3 إبريل من العام الجاري، رافضا في ذات الوقت التهم التي وجهت له، بـ”تعمد نشر وفبركة أخبار كاذبة“.


ولكن، كيف كانت العودة، وما الذي جعل هذا القرار يبصر النور، يقول الجمري “اجتمع مجلس الإدارة لمناقشة الخيارات والاستراتيجية العامة على مستوى الصحيفة ككل، واتخذ في اجتماعه قرارا بإعادة رئيس التحرير السابق”، موضحا أن سبب هذا الأمر، كون “ما جرى في 3 إبريل الماضي، عندما تخليت عن المنصب، حدث ذلك في سياق مختلف وغير طبيعي، من ناحية الظروف المحيطة به، وأتى هذا القرار الآن، بمثابة القرار التصحيحي”، مؤكدا أن “الأمور تعود الآن إلى نصابها الطبيعي، خصوصا أن القرار أتى بغالبية الأصوات”.

تسلم الجمري من جديد دفة رئاسة التحرير، حدث لم يمر دون “ممانعة”، فكان له معارضوه، وفي مقدمهم رئيس مجلس إدارة شركة دار “الوسط” فاروق المؤيد، حيث اعتبر أن “قرار عودة رئيس التحرير السابق باطل قانونيا وغير صحيح“، كما جاء في حديثه لوكالة أنباء البحرين. من جهتها نقلت الوكالة عن عضو مجلس إدارة “الوسط” فؤاد كانو، قوله إنه “لم يمتنع عن التصويت على ما طرحه بعض أعضاء مجلس إدارة الصحيفة، بعودة رئيس التحرير السابق“، وإنما “طلب التأجيل أسوة ببعض أعضاء مجلس الإدارة، إلى حين عودة رئيس مجلس الإدارة فاروق المؤيد”.

هي عودة محفوفة ببعض “المصاعب”، مصاعب داخليه، تنشأ من تباين آراء عدد من أعضاء مجلس إدارة الصحيفة، ومتاعب أخرى تأتي من جهة “المتشددين” في السلطة، الذين يرون في الجمري خصما عنيدا، وشخصية غير مرغوب بها، يجب التخلص منها وإضعافها، عوض منحها مزيدا من المساحة للتعبير وإدارة ذراع إعلامية، في المملكة التي تشهد اضطرابات سياسية وأمنية منذ فبراير الماضي، أدى لإقالة عدد من الصحافيين، وسجن آخرين، وخروج مجموعة منهم لخارج وطنهم، متفرقين في دول مختلفة، بسبب تضييق الخناق على حرية التعبير والعمل الصحافي الحر، وهو الأمر الذي انتقدته منظمات وهيئات دولية عدة، ومنها منظمة “مراسلون بلا حدود“.


تصريح المؤيد، ومن بعده كانو، والحملة التي يشنها خصومه في الإعلام ضده، جميعها أمور رفض الجمري في حديثه الأول بعد عودته لرئاسة التحرير، التعليق عليها، متجنبا الدخول في أي سجال أو خصام مع أحد، مكتفيا بالقول “عودتي جاءت بناء على قرار مجلس الإدارة، وهو ذات المجلس الذي وافق على استقالتي، وله الصلاحية التامة في إرجاعي، وفق قوانين الشركة ومملكة البحرين”.

متابعون قريبون من أجواء صحيفة “الوسط” يأكدون أن “لا بلس قانونيا على ما حدث من تصويت داخلي، فغياب رئيس مجلس الإدارة عن الاجتماع، لا ينفي قانونيته، أو أنه انعقد بما يخالف الأنطمة، خصوصا أن نائبه كان حاضرا، وغالبية الأعضاء، وجاء التصويت لصالح عودة الجمري، بغالبية الأصوات”، موضحين أن “قانون الشركات يعطي الحق لمجلس الإدارة بمناقشة أي موضوع يهم الشركة، كما أن النظام الأساسي لشركة الوسط، وفي المادة 23، ينص على أن تصدر قرارت مجلس الإدارة بأغلبية أصوات الحاضرين والممثلين، فإذا تساوت، رجح الجانب الذي منه الرئيس أو من يقوم مقامه، وعلى العضو المعترض أن يثبت اعتراضه في محضر الاجتماع”.

توقيت إمساك الجمري ثانية برئاسة تحرير الصحيفة، أثار استفهاما لدى كثيرين، خصوصا أنه جاء بعد انتهاء “حوار التوافق الوطني“، وتسلم الملك لمرئيات المشاركين، وهو الحوار الذي أثار جدلا في الشارع المحلي، ورفضت أغلبية المعارض مرئياته، أضف لذلك بدء “لجنة تقصي الحقائق” عملها، برئاسة المحامي شريف بسيوني، وزيارتها لقادة المعارضة في السجن، وجميعها معطيات تجعل من المشروع السؤال عما إذا كان لهذا لقرار مجلس “الوسط”، علاقة بكل هذه الحيثيات؟ يجيب الجمري، حازما “القرار إداري بحت، وهو جاء بتصويت غالبية أعضاء مجلس الإدارة، ولا يحمل أي خلفية سياسية”، نافيا أن يكون القرار أتى بـ”ضغوط من جهات سياسية، لا من الحكم ولا من المعارضة”.


سياسة “الوسط” التحريرية، والتي كانت برأي كثيرين أنها كانت سبابا في “استهدافها”، كيف ستكون في هذه المرحلة.. يشرح رئيس التحرير “الوسط أتت كثمرة للمشروع الإصلاحي لجلالة الملك، وهي تعمل على مد الجسور بين مكونات المجتمع، وتعمل على الإصلاح، وهي كانت مخلصة في ذلك، واعتبرت نفسها مأتمنة على حرية الكلمة، وعلى الشفافية، ونقل المشورة المخلصة لمن بيده الأمر، ونجحنا في ذلك. كما كنا نعكس الرأي العام، ونلمس مشكلاته، وهي ستواصل مشوارها المهني في هذا الطريق، لتكون وسطا بين الجميع، وتنقل الرأي والرأي الآخر، مقربة بين وجهات النظر، بموضوعية تامة وأمانة”.

في 2 إبريل الماضي، عرض تلفزيون البحرين تقريرا مطولا عن ما أسماه “الفبركات الصحيفية، لصحيفة الوسط“، متهما إياها بـ”نشر أخبار كاذبة من وقائع غير حقيقية”، لتقرر هيئة شئون الإعلام في اليوم التالي، “وقف صحيفة الوسط، وإحالتها إلى التحقيق“، لتتسارع الأحداث، ويقبل مجلس إدارة “الوسط” استقالة رئيس التحرير د.منصور الجمري، ويعين الصحافي عبيدلي العبيدلي خلفا له، لتعلن تاليا هيئة شئون الإعلام الموافقة على إعادة إصدار الجريدة، اعتبارا من الإثنين 4 إبريل. وفي 11 من ذات الشهر، قررت النيابة العامة “إحالة رئيس تحرير الوسط السابق ومدير التحرير ورئيس الاخبار إلى المحاكمة الجنائية، فور الانتهاء من التحقيقات“، وهي خطوات تبعها بدأ محاكمة المتهمين في القضية، وهي المحاكمة التي لم تنتهي فصولها حتى الساعة، ولم يغلق ملفها، ومع هذا عاد الجمري للمنصب الذي أجبرته الأحداث على الاستقالة منه، دون أن يرى ضيرا في عودته، رغم عدم حسم القضية المرفوعة ضده قانونيا، معلقا على ذلك بقوله “هنالك قضية مرفوعة الآن في المحكمة، ونحن نؤمن بعدالة القضاء، ولقد طرحنا ما لدينا من أدلة ومعلومات أمام القضاء، ولدينا فريق دفاع”، مشددا على أنه “قانونيا لا يوجد أي تعارض بين وجود قضية مرفوعة في المحكمة، وعودتي لرئاسة التحرير. و”الوسط” ليست الصحيفة الوحيدة في العالم التي ترفع ضدها قضية ورئيس تحريرها يبقى أو يعود إلى منصبه! هنالك قرار سيصدر من القضاء، ومن حق الصحيفة أن تدافع عن نفسها”.

وفي موضوع ذات صلة، يتعلق بالجانب القانوني، كتب المحامي البحريني محسن العلوي، على صفحته في “تويتر”، قائلا “وقف صحيفة الوسط في فترة السلامة، كان سنده مرسوم السلامة الوطنية، الذي يجيز وقف نشاط أي مؤسسة بقرار فقط، الآن، الحمد الله، لا وجود له”.

المرحلة القادمة، ستكون مرحلة اختبار حقيقية لـ”الوسط” وقدرة رئيس تحريرها على السير بين “الألغام”، والعمل باستقلالية ومهنية تامة، دون أي ضغوط، في معالجتها للقضايا الداخلية مضع الخلاف، وخصوصا تلك المتعلقة بانتهاكات حقوق الإنسان، والحفاظ على الموقع “الوسطي” الذي ارتضاه خطا تحريريا لصحيفته، وجميعها عناوين حاضرة على طاولة الجمري، وإن آثر عدم الحديث عنها في الوقت الحاضر، مكتفيا بالقول “مررنا بتجربة مريرة، فيها كثير من الدروس، والجميع يجب أن يستفيد منها، والبحرين بحاجة لأن تعود إلى طبيعتها، وأن تأتلف القلوب”.

هي ذي “الوسط” ورئيس تحريرها، تحت مجهر جمهور ينتظر الكثير، ومناوئين يبحثون عن أي خطا لاصطياده، ومحكمة تنظر في قضية وردود تحتاج لدراسة بعناية، فيما ما يهم المراقبين أن يدفع الرئيس العائد عجلة حرية التعبير والمهنية والموضوعية، خطوة إلى الأمام، في بيئة عانت منذ فبراير الماضي أوضاعا مهنية عصيبة، أدت لتراجع في قيم الإعلام الحر والمستقل، بنظر الكثيرين!.


* نقلا من مدونة الصحفي الزميل حسن المصطفى.


التعليقات
التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

comments powered by Disqus