هافينغتون بوست: البحرين والوجه الحقيقي للسياسة الخارجية للولايات المتحدة

2011-07-29 - 9:30 ص

 

لارا لي* - هافينغتون بوست.
ترجمة: مرآة البحرين  

قد لا يُعد صدفةً أن تكون قصتا النجاح الوحيدتان ل "الربيع العربي" - مصر وتونس -  غير عنيفتين وغير غربيتين في طبيعتهما. شكلت هذه الاحتجاجات المناهضة للسلطوية في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا إعادة تشكيل حرج بالنسبة لأغلبية العالم الغربي بشكل عام، ولإدارة أوباما على وجه التحديد. تلك الإدارة التي كانت قانعةً تماما بالوضع المستقر للديكتاتوريات الفاسدة القمعية في المنطقة، ومجملةً في الوقت ذاته التدخلات العسكرية المتواصلة وسياسات المصالح الخاصة التي خلفها عهد بوش.

لم تتجل هذه السياسة في مكان كما تجلت في دولة البحرين الخليجية الصغيرة، حيث توجهت في مطلع مارس الماضي للانضمام إلى المظاهرات ومعايشة الانتفاضة التي لم يسبق لها مثيل في دولة خليجية. في ذلك الوقت، كانت الانتفاضة أشبه  بالمهرجان  رجالا ونساء، صغارا وكبارا على حد سواء تجمعوا في ميدان اللؤلؤة يحملون شعارات "إسقاط النظام" ويلوحون بالورود وبأعلام البحرين الحمراء والبيضاء. 

بعد وصولي بقليل، قدمت لي هدية: زِرار، كُتب عليه "لا سني ولا شيعي بس بحريني" نُصبت الخيام. شباب يدخنون الشيشة هنا، وآخرون يشوون الكباب، وفي جهة أخرى مجموعة تستمع إلى الراديو متابعةً أنباء سلسلة الانتفاضات المنتشرة في أنحاء شمال أفريقيا والشرق الأوسط.

راقبتُ المواطنين العاديين يسيرون في سلاسل بشرية ويرددون شعارات مؤيدة للديمقراطية، وشاهدتُ الاحتجاجات التي أقيمت أمام مبانِ حكومية.تملكتني آنذاك نوع من الفرحة السريالية، سريالية لأن الجميع في الشوارع يعرفون أن هذا لا يمكن أن يدوم، وأن الملكية البحرينية لن تستوعب هذه المعارضة مهما كانت سلمية وغير عنيفة. كانوا محقين. 

في خطابه الموجه إلى وزارة الخارجية زعم الرئيس باراك اوباما إن "مصالح أميركا ليست معادية للآمال الشعوب؛ إنما هي أساسية لهم" ربما كان الأجدر به أن يوضح أي "الشعوب" وأي "الآمال" كان يقصد. فبعد مغادرتي البحرين بفترة وجيزة وصل وزير الدفاع الاميركي روبرت غيتس إلى المملكة العربية السعودية وعلى أعقابه دخلت دبابات آل سعود مفاخرةِ بقوتها وباعثةً برسالة لا لبس فيها للمواطنين البحرينيين: "التغيير" لن يحدث. 

في أواخر مارس دمر نصب اللؤلؤ، واستحقت ساحته لقب ساحة الشهداء  بجدارة، قالبةً أجواء الفرح إلى حالة من الفوضى. منذ ذلك الحين  قتل العشرات واعتقل ما يفوق الألف بحريني ويزيدون، ودُمر قرابة  الثلاثين مسجداً من المساجد الشيعية، واستمرت حملة القمع التي استهدفت جميع شرائح المجتمع دون أدنى طلة من إدارة أوباما في الدولة التي ينزل بها الاسطول الاميركي الخامس. لو كانت هذه هي ليبيا وليس البحرين، لأمكننا أن نطمئن إلى أن هذه الانتهاكات ستهلل باستياء مضخم كمبرر لتدخل أكثر قوة لحلف شمال الأطلسي.

لكن هذه ليست ليبيا، هي البحرين.حيث لـ"الشعب" و"الآمال" معانٍ مختلفة. 

بكل تأكيد، وبمباركة من أسياده حكام الخليج العربي، اتهم الرئيس أوباما أيران بكونها محرك  احتجاجات البحرين، حيث ادعى أن الإيرانيين "قد حاولوا الاستفادة من الاضطرابات هناك [البحرين] ، وقال إن الحكومة البحرينية لديها مصلحة مشروعة في سيادة القانون" اعتذار رث قدمه ليبرر به وحشية القوات السعودية التي أرادت إرسال رسائل تحذيرية لأي تظاهرات محتملة النشوء في دول الخليج العربية الاخرى.

ولأن العائلة المالكة في البحرين تُعد أقلية سنية تحكم أغلبية شيعية، حرصت على توجيه أصابع الاتهام الى ايران وحزب الله بدلا من مواجهة أوجه القصور الخاصة في حكمها لشعوبها، الذين ما احتجوا لأجل ثورة انقلابية واسعة النطاق، وإنما لنيل المزيد من الحريات في مجال التعليم والاقتصاد. قضايا شبيهه إلى حد كبير بما يطالب به الشباب في أماكن أخرى من مثل تونس ومصر. 

وجهُ السياسة الخارجية للولايات المتحدة في البحرين مختلف، فهو وجهٌ لا يسترشد بالمبادئ الديمقراطية الحميدة، ولكن بالانتهازية يحدد مداها إرادات ممالك وإمارات الخليج، جاعلة من خطاب الرئيس أوباما اللطيف سببا يجعله بطريقة أو بأخرى شريكا كبيرا في الجرائم الموجهة ضد الشعب البحريني المسالم. 

تعمد الإعلام الغربي السائد تجاهل التجاوزات المستمرة في البحرين، كما فعلت قناة الجزيرة التي وفرت تغطيات قوية لاضطرابات مصر وتونس وغيرها في صمتِ واضحِ إزاء عمليات القمع في البحرين.

لا عجب وهي ملك لنظام ملكي خليجي آخر يتأثر كغيره بالأوضاع غير المستقرة التي يحدثها أي تغير في المنطقة. 

لحسن الحظ وبفضل ارتباط النشطاء والحقوقيين الشجعان من داخل الواقع البحريني مع المواطنين المعنيين من مختلف أنحاء العالم، تمت وما زالت عمليات بث الوعي لدى الناس العاديين الذين تفصلهم الآلاف من الأميال ويُعميهم ستار من التعتيم الإعلامي.

أنا أشجعكم على زيارة المواقع أدناه بُغية التوقيع على العرائض، والاشتراك في القوائم البريدية للبقاء على بينة من ثورة ديمقراطية حقة تحدث على الرغم من الجهود الجبارة التي تبذلها ممالك النفط ومن يوالونها من العملاء الأمريكان الذين يزعمون الديموقراطية. 

Bahrain Youth Society for Human Rights
 Bahrain Center for Human Rights
 Amnesty International
 Campaign for Peace and Democracy
 7/28/11 
*ناشطة ومخرجة سينمائية
لقراءة النسخة الأصلية من المقال

التعليقات
التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

comments powered by Disqus